تختص هذه القاعدة الفقهية ببيان أسباب ضعف الملك الداخل على الأموال ، والذي إذا تحقق في المال فرن الشرع الحكيم يرفع عنه وجوب الزكاة ، حيث تحدد أسباب ضعف الملك واختلاله في أصلين رئيسين هما : المال الذي لم يصل إليكَ بَعْدُ ، والمال الذي كان في ملكِكَ ابتداء ، لكن اعترى ملكيتك له ما يُقَيِّدُ تَصَرُّفاتِك فيه ، بحيث تكون يد صاحب المال مغلولة كليا أو جزئيا عن إحداث مطلق التصرفات فيه ، فالملك قائم ومتحقق في الواقع ، ولكنه ملك منقوص ومقيد بوجه من وجوه التقييد في الواقع ، وبالتالي لا يكون ملك الشخص لماله حينئذ ملكا تاما مطلقا ، وإن حالة ( ضعف الملك ) بأي من سببيها المذكورين في نص القاعدة توصف بألقاب منها ( ملك ناقص ) أو ( ملك غير تام ) أو ( ملك غير مطلق ) أو ( ملك مقيد ) أو ( ملك ضعيف ) ، وجميعها أوصاف وألقاب للملك غير التام بالنسبة للشخص .وتتمثل الأسباب التي تؤدي إلى ضعف الملك في الأموال في السببين التاليين :السبب الأول : عدم استقرار الملك المطلق للمال بيد صاحبه :والأصل في هذه الحالة أن الشخص لم يتملك المال فعليا ولم يقبضه على الحقيقة ولا دخل في حيازته المادية أصلا ، وإن كان قد ثبت له فيه حق بالملك ، فهو يملك ملكا حقوقيا مجردا وليس ملكا حقيقيا تاما ، فمثل هذا النوع من الحقوق بالتملك لا يمكن وصفها بأنها من قبيل الملك التام أو الملك المطلق ، بدليل أن خطر تخلفها عن الحصول أو القبض قائم ومحتمل بدرجة عالية ، فكيف يتصرف الشخص في مال لم يستقر في ملكه ولم يدخل نطاق حيازته وتصرفه أصلا ، ومن أمثلة هذا السبب ( عدم استقرار الملك ) ما يلي :
1.الحصة الشائعة في الشركة قبل قبضها .
2.الحصة الشائعة في التركة قبل قسمتها .
3.حصص أطراف المضاربة في الربح قبل التنضيض .
4.الحصة الشائعة في الغنيمة قبل قسمتها .
5.الحصة الشائعة في الصدقة قبل قبضها .
السبب الثاني : امتناع التصرف المطلق بالمال : وفي هذه الحالة الأصل أن الشخص قد سبق ملكه للمال في الماضي ، ولكن هذا الملك السابق طرأ عليه سبب يجعل تصرفه فيه منقوص وغير تام ، فصاحب المال وإن كان يملك الحق المستقر بالمال ، إلا أن هذا الحق المجرد قد اعتراه سبب ما نع أخل بالقدرة المطلقة والسلطة الكاملة لصاحب المال على التصرف فيه ، ولا ريب أن مثل هذا النوع من الحقوق بالتملك لا يمكن وصفها بأنها من قبيل الملك التام أو الملك المطلق ، بدليل أن خطر زوالها أو تخلفها عن الحصول أو القبض هو خطر قائم ومحتمل بدرجة عالية ، فكيف يتصرف الشخص في مال سلطة غيره عليه أقوى وأعلى ، ومن أمثلة هذا السبب ( امتناع التصرف المطلق ) ما يلي :
1.جميع الديون التي تنشأ على أساس نقد أو عين .
2.المال الذي اشتراه صاحبه ولم يقبضه .
3.المرهون في حيازة الدائن المرتهن صاحب الحق .
4.المال المغصوب أو المسروق أو المجحود عن مالكه .
5.المال الضائع أو الضال عن مالكه .
6.المبيع بيد المشتري زمن الخيار .
وأما أبرز الأمثلة المعاصرة للقاعدة فتتمثل في التطبيقات التالية :
1-ملكية الحصة الشائعة في الشركات المعاصرة بجميع أنواعها ، فملكية الشريك لنصيبه من الشركة ملكية ناقصة ، بدليل عدم قدرته على التصرف المطلق بموضوعه إلا بعد التقويم حقيقة أو حكما ، ولذلك لا يملك التصرف في أي من موجوداتها استقلالا بغير إذن بقية الشركاء .
2-ملكية الحصة الشائعة في التركة ، فملكية الوارث لنصيبه من التركة ملكية ناقصة ، بدليل عدم قدرته على التصرف المطلق بموضوعه إلا بعد القسمة الفعلية بين الورثة ، ولذلك لا يملك التصرف في أي من موجوداتها استقلالا بغير إذن الورثة في هذه الشركة الجبرية .
3-ملكية المودع في الوديعة الاستثمارية والمستثمر في صندوق الاستثمار أو المستثمر في الصكوك ، فإن جميع أولئك ملكياتهم ناقصة ، وليست ملكيتهم على أموالهم تامة في الأوعية الاستثمارية المذكورة ، بدليل أن مطلق التصرف بيد مدير الاستثمار استقلالا ، بينما أصحاب المال الحقيقيون لا يملكون التصرف بموضوعه .